خلقت لأقرأ
وسأعيش للقراءة
بالمطالعة أشعر بالأريحية والسعادة النفسية والمتعة الخالدة
إن كان التفكير هو برهان الفيلسوف ديكارت على الوجود، فالمطالعة هي أكبر دليل لي على الوجود ..
علاقتي مع صفحات الكتب، علاقة الزعيم استالين مع السيجارة، علاقة روميو مع جوليت، علاقة كافكا مع ميلينا، علاقة ليونيل ميسي مع المستديرة الساحرة، علاقة أم وابنها؛ فالقراءة أمي التي تهبني مع كلّ خاتمة كتاب ولادةً جديدة، هي ماما التي ترضعني عقلاً و تربّيني مجداً و تصنعني كائناً نافعا. عصيانها عقوق و هجرانها ضلال، و بغيرها نسير على أطلال السراب وعلى حافة الظلام
لي مع رحلات القراءة الممتدة، متعة خارقة، ولي في آفاقها غدوةٌ و روحة، أعشقها فلا تقيدني بل تهبني فضاءات جديدة من الحرية. حريّة لا يعرفها نلسون مانديلا ولا مهاتما غاندي ولا تشي جيفارا. إنها حرية التنقل من إفريقيا إلى موسكو لزيارة ليو تولوستوي بدون دفع قيود جمارك. حرية السفر من اسطنبول إلى النمسا لزيارة فرانكل للحديث معه حول كتابه الشهير ( الانسان يبحث عن المعنى ) فيحكي لي صنوف العذاب في السجون النازية.
حرية السفر من مدينة قونيا إلى دول البلقان لملاقاة عليّ عزت بجوفيتش ليروي لي نضاله الشريف مع اليوغاسلافيين والصرب.
كلّ هذه الرحلات والزيارات أقوم بها دون أن أخرج من هذه الغرفة التي تضجّ بالأحلام والأمنيات ..
يعتقد سيمون فرويد أن الحياة هي البحث عن المتعة في أولى الأمور، و يظن( ألفرد أدلر) أن البحث عن السلطة هو أسمى أهدافها، و يقول فكتور فرانكل أنها هي البحث عن المعنى! نحن لا نبحث عن متعة و لا سلطة ولكن نريد معنى لحياتنا ومعناها الوحيد الذي نبحث عنه هو الحرية، والقراءة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الحرية الحقيقية يا صديقي القارئ العزيز .
(اقرأ وربك الأكرم) يكرّمك بالمعرفة والحرية والاستقالة الفكرية
أعيش بين دفات الكتب كبحار مغامر، من شاطئ إلى آخر، فإذا وجدت فرصة أخرجت اللآليء و الصيد، وعشت بعيداً قليلاً عن كتبي على مرفأ الكتابة وميناء الفكر فقط لأتذكر ما قرأت..
من خلال القراءة نتعلّم جمال الشعر من المتنبّي. نأخذ دروس الحبّ من فرانس كافكا. نتدرّب على العزلة من أبي العلاء المعري. نتمرن على مواجهة الحقيقة مع غاليلو. نعبث بالوجود مع غابريل ماركيز. نتدثّر باللغة مع تولستوي. نعزف على البيانو مع بيتهوفين. نرتشف من كأس البؤس مع دستوفيسكي. نٌربّي الطفل الذي يسكننا مع جان جاك روسو. نجد الجرأة في طرح الأسئلة مع الفيلسوف نيتشيه. نعثر على ذواتنا الحقيقية في مدارج السالكين . نتصوّف مع الغزالي في الاحياء. نفهم التمرّد الايجابي مع ابن حزم. نصل إلى الله من خلال تعاطي القرآن الكريم تدبرا وتعبّدا.
السماوي